الاثنين، 17 أكتوبر 2011

الراب هو الآخر يحتل العراق

الراب هو الآخر يحتل العراق
(موسيقى الراب) ظاهرة غريبة انتشرت بين الشباب في بغداد
تحقيق : حنين سعد

بعد الاحتلال الأمريكي للعراق عام 2003 برزت في بغداد ظواهر غريبة ، كان من ابرزها انتشار موسيقى الراب بين الشباب وهي لون من ألوان الغناء الشعبي وجدوا فيه وسيلة مناسبة لطرح مشكلاتهم في ظل ما يعانونه من بطالة وافتقار في الوسائل التي يمكن لهم فيها التعبير عن ما يجول في خواطرهم ،فأغلب المواضيع يتناولوها في اغنياتهم تتغنى بالحرب والوضع السيئ الذي يعيشه العراق، وهناك قسم آخر من مغني الراب لا يتناولون في أغنياتهم سوى المواضيع البذيئة والكلمات المنحطة والخارجة عن ديننا الحنيف وعن أعرافنا وعاداتنا وتقاليدنا .
ويعود تاريخ هذا اللون الموسيقي الى مدينة كينغستون بجاميكا في نهاية الستينات من القرن الماضي ثم انتشر في الولايات المتحدة الأمريكية في بداية السبعينات في نيويورك بالتحديد على أيدي الأمريكيين الأفارقة أو الزنوج، لينتشر عالمياً كمنتوج أمريكي منذ التسعينات. فموسيقى (الراب) جاءت كرد فعل اجتماعي وسيكولوجي ضد وضع معين . هذه المقدمة تسمح لنا بفهم كيفية انتقال هذه الموسيقى إلى مجتمعات تعد في نظر العديد من المختصين غير هشة ومقاومة لأمركة الثقافة والاقتصاد ومنها المجتمع العراقي فموسيقى الراب تضعنا في صلب مسألة تسويق نوع من الموسيقى، تعد انفعالية وسريعة ويغيب فيها البعد الجمالي والفني مع نشر الغضب الأمريكي المحلي. موسيقى (الراب) ممارسة توظف كلمات سوقية وقدحية في العديد من الأحيان لإعلان التمرد ضد الأوضاع الاجتماعية. هذا الوضع يطرح أمام علماء الاجتماع والمختصين سؤالاً أساسياً و مستفزاً: إلى أي حد يقدر المجتمع العراقي على مقاومة الموسيقى الآتية من أمريكا وإنتاج ثقافته وفنونه المحلية في إطار حقه في الاختلاف ؟ كيف يستطيع العراق إيقاف زحف الثقافة الأمريكية السائدة الرامية إلى تسطيح العقول وجعل الإنسان رأسمالاً قابلا للبيع والشراء؟
عند هذه النقطة بالذات نتوقف لنقول اننا لا نتحدث هنا عن ثقافة أمريكا الإنسانية والمتحضرة بل نتحدث عن موسيقى دخيلة على مجتمعنا العراقي وعن ظاهرة انتشرت بعد عام 2003 . وقد استطلعنا في البداية رأي الأستاذ الدكتور عدنان ياسين مصطفى أستاذ علم الاجتماع في جامعة بغداد بهذه الظاهرة فأكد لنا ان انتشار ظاهرة موسيقى الراب في بغداد هي حالة تمثلها مجتمعات الحروب او ما يعرف بالمجتمعات المأزومة فحين يتهدد حكم القانون وتخرج السلوكيات من عقالها وحين يكون هناك عدم اكتراث بالضوابط الاجتماعية تعيش المجتمعات في ازمة حقيقية مع السلوكيات الغريبة وهذا ما ساعد على انتشار هذه الظاهرة . ان العراق اليوم يعيش في ازمة حقيقية فحوالي ربع السكان دون خط الفقر ويعيش خمس السكان أميين فهذه الأرقام تشكل نسبة كبيرة في المجتمع العراقي . وأضاف الدكتور عدنان ياسين قائلاً : في اعتقادي المتواضع، تمثل موجة (الراب) صورة مصغرة لحالة الضياع التي يعيشها الشباب داخل أوطانهم . وعندما نقول الضياع، نعني بذلك غياب بَوصلة اجتماعية ومشروع مجتمعي قادر على مجابهة التحديات الراهنة في ظل وجود تراكمات الثقافة المعطوبة التي تنخر الجسد العراقي يوميا ومنذ عشرات السنين وهي ثقافة تمجد الذات وتبحث عن الضحية ولو كانت من خشب . ويبدو أن تحسن الأوضاع الأمنية في العراق فتح الأبواب أمام الفرق الفنية والمطربين والفرق المسرحية لكسر حاجز الخوف والظهور بقوة لاستقطاب أعداد غفيرة من الجمهور بعد أن كان ذلك من المحرمات خلال سنوات العنف الدامي من عام 2003-2008.
فرق ((الراب)) في بغداد : قمصان رياضية وسراويل جينز مهلهلة.. وسلاسل وأقراط
بالصراخ والتصفير والحركات الهستيرية، يستقبل الجمهور فرق موسيقى (الراب) في بغداد. فهذه الفرق أصبحت تملأ الساحة الغنائية بشكل لا يمكن تجاهله كظاهرة فالشباب على ما يبدو، وجد فيها ضالته التي تعبر عن مشاكله وهمومه، لدرجة أن قاعة المسرح الوطني في عروض فرق الراب المنتشرة في بغداد أصبحت مكتظة بالمتفرجين .
لكن ما هو سر شعبية هذه الفرق التي تضم شباباً في العشرينات من العمر لديهم تكوين موسيقي بسيط جداً، بل إن العديد منهم ليست لديهم أي خلفية موسيقية تذكر، وكل ما يشفع لهم حبهم لهذا النمط الغربي الذي يقلدونه أو يعملون على جعله أقرب ما يكون إلى اللهجة العامية العراقية عن طريق إدماجه بالموسيقى الشعبية العراقية..مظهرهم أيضاً يعكس تقليدهم للغرب، وبالذات نجوم أميركا، فهم يرتدون قمصانا قطنية رياضية فضفاضة مطبوعاً عليها عبارات تحمل رسائل معينة،وسراويل (جينز) مهلهلة ومتدلية تحت الخصر، وقبعات وسلاسل ذهبية أو فضية تتدلى من أعناقهم، بل منهم من يضع أقراطاً في أذنه. ومع ذلك، فهم يشكلون ظاهرة يجب التوقف عندها.
وتتطرق أغاني الراب إلى موضوعات لا حصر لها،مثل البطالة، الفقر،الحروب،المخدرات،الوضع الأمني،وما شابهها،وربما كان هذا هو سر نجاحها والتجاوب الذي لقيته من الجمهور الشاب.المشكلة أن بعضهم تجاوز الخطوط الحمراء ولم يتردد في استعمال كلمات نابية أو جارحة بحجة (الواقعية) عند الحديث عن بعض الظواهر المشينة في المجتمع .
وقد التقتينا بإحدى هذه الفرق في بغداد أثناء عرضها على المسرح الوطني لمعرفة وجهة نظرها،وكانت هذه الحصيلة.يقول غياث أحمد المعروف باسم (Mager ) أحد أعضاء فرقة(Group FM)إن الفرقة اختارت المزج بين الموسيقى التقليدية العراقية والغربية، وسبب نجاحها برأيه هو أن أفرادها يجتهدون لتقديم أجود ما لديهم للجمهور الذي يستطيع التمييز بين الأغنيات الصادقة والمفتعلة، حسب تعبيره، وقد حدثنا غياث عن الكثير من الأفكار والتصورات من خلال طرحنا عليه للأسئلة الآتية:

1. كيف ينظر أعضاء فرقتكم الى الراب ؟
الراب بنظرنا نحن اعضاء فرقة Group FMهونمط غنائي ينبني أساساً على استعمال كلمات الشارع التي تعبر عن الفئات المقهورة اجتماعيا واقتصاديا وهو نمط إيقاعي يتلاءم مع جميع اللغات،بالإضافة إلى أننا نستعين بمقاطع موسيقية عراقية وندمجها في أغنياتنا بتوزيع موسيقي جديد،أما فرقتنا فمتكونة من ستة أعضاء هم : (Disco Dancer) احمد ، (Singer)عمار ، (Commandos)ارشد،(Mager)غياث، (Nager)سديف ،(Ritos )علي .
2. اسم الفرقة وأسماء الأعضاء أجنبية..هل اخترتم هذه الأسماء تشبهاً بالغرب أم إنكم تطمحون للوصول إلى العالمية وترون ان تسميتكم بهذه الأسماء تسهل لكم الطريق ؟
ليس تشبهاً بالغرب لكن لان الراب أصله غربي لذلك يفضل أن ان تكون الأسماء غربية ونحن اخترنا هذه الأسماء لأنها معبرة عن أنفسنا فبالنسبة لي فضلت أسم mager لان بعض أصدقائي اختاروا أسماء عسكرية فوجدت هذا الاسم مناسب لي،اما بالنسبة لـ Disco Dancer فقد اختار هذا الاسم لانه يرى نفسه أفضل راقص راب.
3. هل كان اجتماع الفرقة بالصدفة ؟
لم يكن اجتماع كل أعضاء لفرقة صدفة ، فبالنسبة احمد (Disco Dancer ) كان مغني راب منفرد وكان صديق ارشد(Commandos) الذي كان هو الآخر مغني راب منفرد فقرروا ان يشكلوا فرقةFM GROUP ،لكن دخولي للفرقة كان صدفة فقد تعرفت على ارشد وعندما علم بشغفي بالراب دعاني للانضمام للفرقة .
4. هل واجهتم مشاكل في بداية دخولكم عالم الراب ؟
لم تكن هناك مشاكل كثيرة,لكن المشكلة الاكبر التي واجهناها ومازلنا نواجهها هي سرقة الكلمات والالحان،فقد تمت في أكثر من مرة سرقة كلمات كثير من احمد وارشد .
5. العراق كما هو معلوم بلد محافظ وتقليدي .. هل واجهت معارضة من قبل عائلتك لدخولك هذا المجال ؟
لم أواجه معارضة كبيرة من قبل أهلي،لكن بالنسبة لأعضاء الفرقة فقد كانت عائلاتهم بين مشجع ورافض،ان الاعتراض كان يتركز بشكل كبير على الملابس.
6. هل تعرضتم لتهديدات من قبل جماعات مسلحة كونكم تقدمون عرضاً خارجا عن تقاليدنا وأعرافنا ؟
لقد تعرضنا لتهديدات كثيرة من قبل الأحزاب السياسية للاعتراض على ملابس وبالأخص القلادات والعصب فهذه الأحزاب ترى أنها تشبهاً بالأمريكان.
7. نلاحظ ان اغلب مغني الراب يؤلفون أغنياتهم..فهل تفعلون نفس الشيء؟
نعم ، فكل الأغاني التي نغنيها من تأليفنا وألحاننا .
8. ما هي الموضوعات التي تتناولوها في أغنياتكم ؟
اغلب الموضوعات التي نتناولها في أغنياتنا تتعلق بالحرب ومعاناة العراقيين وألفنا العديد من الأغاني التي تدعوا إلى وحدة البلد ونبذ الطائفية .
9. ما هي الشريحة التي تخاطبونها بالدرجة الأولى في أغنياتكم ؟
نحن نحاول او نطمح للوصول إلى كل الشرائح لكننا نجد معارضين كثيرين لأغنياتنا وأسلوبنا في الغناء،لكن هذه المعارضة تقل يوماً بعد يوم ويزداد تقبل الناس لموسيقى الراب.
10. في ظل هذا الوضع .. كيف ترون إقبال الجمهور عليكم ؟
الإقبال جيد إلى حد ما،إقبال الجمهور مقتصر فقط بالشريحة المثقفة من الشباب فهي الأكثر تجاوب معنا.
11. ما الفرق بين فرقتكم والفرق الأخرى التي دخلت عالم الراب ؟ وهل لديكم نية للتعاون معها ؟
(الاف ام)من الكروبات التي لم يحدث فيها أي مشاكل بين أعضاءها على عكس بقية الكروبات وهذا ما يميزنا عن الفرق الاخرى ويجعلنا ننجح بشكل مستمر ، بالنسبة للتعاون مع الفرق الاخرى فنحن لدينا تعاون مع فرقة(كروب الاج بي) وكذلك متعاونون مع (كروب اكس بروجيكت).
12. ما هو العمود الفقري الذي يقوي فرقتكم والذي يجعلها تواجه عواصف الخلافات خصوصا إننا نجد في العالم عدم استمرار الفرق ؟
بالنسبة لفرقتنا نحن نعتبر ان احمد وارشد هما العمود الفقري للفرقة فهما يزرعان الأمل في قلوبنا ويدفعاننا على الاستمرار على الرغم من انهم يعيشون بعيدين عن أهلهم المغتربين ، فقد تركوا أهلهم وعادوا الى العراق حباً لوطنهم ورغبة منهم في معايشة الاحداث الصعبة التي يعيشها البلد.
13 .من أسباب نجاح أي فنان هو الدعم بكل أشكاله له..فهل هناك جهات معينة تدعمكم ؟ وما هي هذه الجهات ؟
رسميا لا يوجد دعم .. لكن هنالك وعود في حال نجحت الفرقة بشكل قوي من قبل مجموعة من القنوات مثل القيثارة والسومرية وMBCوLBCوبالأخص قناة الـLBC التي وعدت ترافقنا بحفلاتنا وجولاتنا حتى بالكواليس.واحتمال كبير شركة (زين)أيضاً ،لكن بشكل عام لا يوجد دعم بشكل رسمي.
14 . المظهر مهم جدا بالنسبة لأي مغني .. هل لديكم أسلوب معين في مظهركم ؟ ام تتبعون نفس الأسلوب الغربي في ارتداء الملابس ؟
تقريباَ نتبع نفس الأسلوب الغربي المميز باللباس الفضفاض الواسع لكن مع بعض الإضافات مثل ارتداء (الشماغ) واحياناً نحب ان نرتدي الملابس العسكرية.
15. ساهم الانترنت بشكل كبير في انتشار موسيقى الراب..فهل خدمكم الانترنت بشيء ؟
بالتأكيد فالاعتماد الكلي لفرق الراب على الانترنت ،فعن طريقه تم انتشار هذه الفرق وجعل لها شعبية بين الناس.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق