الاثنين، 17 أكتوبر 2011

الفيس بوك يقتحم حياة الشباب العراقي

الفيس بوك يقتحم حياة الشباب العراقي
حنين سعد

تعدُّ المواقع الاجتماعية من أكثر المواقع تأثيراً وإقبالاً من قبل العديد من شرائح المجتمع ،خاصة شريحة الشباب ، فقد أصبحت هذه المواقع مهمة في حياة الشباب كالماء والهواء، وأصبح الكثير من الشباب غير قادرين على الاستغناء عنها ، حيث يقضي البعض منهم الساعات الطويلة للتصفح بهذه المواقع ولا يشعرون حتى بمرور الوقت .
لقدت تحولت هذه المواقع الى ظاهرة عالمية انتشرت بين الشباب خلال الأعوام القليلة الماضية ، فقد اختصرت المسافات و عبرت الحدود وتجاوزت الخطوط الحمراء في كثير من الأحيان وتحولت إلى ساحات معارك في أحيان أخرى ، فلم يقتصر دور هذه المواقع على الترفيه فقط ، وإنما تجاوز ذلك وأصبح عالم كاملاً يلتقون فيه بالأصدقاء وحتى بشريك الحياة أحياناً.
من أبرز المواقع التي ينشط الشباب العراقي في استخدامها ويتنافسون على المشاركة فيها ، موقع ( Face book ) ، (Twitter ) ، ((YouTube .
ولعل الموقع الأكثر شعبية من بين تلك المواقع موقعFace book) ) ، الذي تحول الى مساحة تقارب اجتماعي عوضت عن انحسار التواصل الواقعي اليومي بسبب ضغوط الحياة العصرية وإيقاعها السريع في اغلب المجتمعات ، وسرعان ما تلقف العراقيون (والشباب منهم على وجه التحديد )خدمة الفيس بوك ليستغلوا ما يتيحه لتقريب الأصدقاء والمعارف والتواصل بعد ان دفعت الظروف الكثير منهم للسفر والهجرة والابتعاد عن بعضهم.بينما استثمر البعض الآخر هذا الموقع للبحث عن زملاء مرحلة الدراسة الابتدائية أو الثانوية أو الجامعية أو العمل في سنوات خلت .
وسيلة للتعبير
لقد أصبح موقع الفيس بوك ليس مجرد موقع للتسلية وإنما وجد الكثير من الشباب العراقيين فيه وسيلة لإيصال صوتهم ، فكل من تطرأ على باله فكرة يسارع إليه لإنشاء مجموعات محاولا الحصول على اكبر عدد من المؤيدين له ،فترى كل شخص يعبر عن انتمائه بشكل من الأشكال من خلال التجمعات الموجودة بهذا الموقع .
وتختلف مضامين هذه المجموعات فمنها الجادة ومنها المضحكة في أحياناً كثيرة ،فهناك مجموعات تتغنى بحب العراق وتاريخ العراق وترى مجموعات تنادي بوحدة العراق وان العراق بلد واحد لا تفرقه الطائفية وبالمقابل يضم الفيس بوك الكثير من المجموعات الطائفية والتي تتحدث بأسلوب طائفي وتقدم الكثير من أنواع الإثارة الطائفية التي تنأى بعيداً عن المشروع الوطني العراقي . وعلى الرغم من ان لمحافظات العراق نصيب وافر من صفحات الفيس بوك الا ان العاصمة بغداد تتربع على عرش اهتمامات الشباب العراقي، فهناك الكثير من الصفحات التي تتحدث عن بغداد وتاريخها ، وقد تجد في هذه المجموعات الكثير من الصور النادرة لبغداد القديمة إضافة الى بغداد في العصر الحديث مروراً ببغداد ما بعد الاحتلال ، وفضلاً عن ذلك كله كان لمناطق بغداد جميعها نصيب بهذه المجاميع ، إذ اننا نجد في كل منطقة من مناطق بغداد مجموعة خاصة بها غنية بالصور والمعلومات .
وكان للجامعات العراقية نصيب وافر بالتواجد على موقع الفيس بوك ، فاغلب جامعات العراق لها مجموعة أو صفحة على هذا الموقع ، مثل جامعة بغداد ، جامعة البصرة ، جامعة الموصل ، جامعة تكريت ... الخ ، وغالبا ما يستفاد الطلاب من هذه المجموعات المتعلقة بجامعاتهم كونها جسراً للتواصل بينهم .
لقد كان لمخلفات الوضع الذي يعيشه العراق وجود كبير في مجموعات الفيس بوك ، ولا تخلوا هذه المجموعات من الطرافة ، فمنهم من أنشأ مجموعة تحت اسم (( الكهرباء الوطنية )) ومنهم من انشأ مجموعة خاصة (( بمولدات الكهرباء)) ... الخ ، وعلى الرغم من ان هذه الصفحات طريفة الا انها عكست معاناة الشعب العراقي ، فالعراقيون اتخذوا من الكثير من الصفحات كوسيلة للتعبير عن واقعهم المرير .
الفيس بوك والدعاية الانتخابية
لقد لعب الفيس بوك دوراً أساسياً في الانتخابات العراقية عام 2010 ،حيث ساهم مساهمة فاعلة بالحملة الدعائية التي قام بها المرشحون ، وأصبح واحد من اهم وسائل الدعاية الالكترونية ، حيث قام الكثير من الشباب والصحفيين ومنظمات المجتمع المدني بإنشاء صفحات تدعم مرشح معين أو قائمة معينة، إذ احتوت اغلب الصفحات على صور ومقاطع فيديو لمؤتمرات ولقاءات صحفية متعلقة بشخصية المرشح السياسي، إضافة إلى وجود نبذة مختصرة عن هذه الشخصية في حقل المعلومات على صفحة الكروب، إضافة إلى متابعة ما يتم وضعه من روابط الكترونية وتعليقات من قبل المشتركين، والرد على الأسئلة والاستفسارات.
ومن بين ابرز المرشحين السياسيين الذين استخدموا الفيس بوك للدعاية الانتخابية : (( نوري المالكي، جواد البولاني، أياد علاوي، برهم صالح، إياد جمال الدين، صالح المطلك )) ، أما الأحزاب والقوى السياسية الكردية التي خاضت الانتخابات النيابية والرئاسية الخاصة بإقليم كردستان العام الماضي، فقد سبق لها أن اتبعت طريق الترويج لمرشحيها وبرامجهم الانتخابية عبر الفيس بوك، بعد ان استوحت الفكرة من الانتخابات الرئاسية الأميركية الأخيرة.
الأحزاب والقوى السياسية الكردية الي خاضت الانتخابات النيابية والرئاسية الخاصة بإقليم كردستان العام الماضي، سبق لها أن اتبعت طريق الترويج لمرشحيها وبرامجهم الانتخابية عبر الفيس بوك، بعد ان استوحت الفكرة من الانتخابات الرئاسية الأميركية الاخيرة. وتنوي تلك الأحزاب تكرار التجربة في الانتخابات الحالية.
ان أهم ما يتميز به موقع الفيس بوك في الدعاية الانتخابية للمرشحين انه يوفر الكثير من الجهد والمال ويقلل الاعتماد على باقي الوسائل الباهظة الثمن، ويمكّن أيضاً من التواصل مع شريحة واسعة من الشباب والمثقفين . وبالمقابل فانه على الرغم من المميزات الكبيرة التي توفرها صفحات الفيس بوك إلا انها استخدمت أسلوب السخرية والهزل والضحك من شخصية او موقف معين من خلال إطلاق أوصاف لاذعة للاستهانة بخصم سياسي والعمل على فقدان احترامه وإضعاف شخصيته في وسط معين .
الفيس بوك في خدمة الإعلام
يُعد الفيس بوك وسيلة مهمة من وسائل الإعلام الجديد المسمى New Media، فالفيس بوك في الوقت الحاضر وسيلة اعلام فعالة جدا حيث يعلن من خلاله عن المقالات، النشاطات، الفعاليات والبرامج المختلفة بجميع انحاء البلاد منها سياسية، اجتماعية، تربوية وحتى ترفيهية ، ونلاحظ ان الكثير من الإعلاميين العراقيين قد انشئوا صفحات خاصة بهم للترويج لأعمالهم ونشاطاتهم إضافة الى التجمعات الإعلامية والصحفية العراقية المنتشرة في هذا الموقع . كذلك ان وجود خاصيتي الصور والفديو في موقع الفيس بوك جعل منه مكتبة كبيرة من الصور والفديوات الحصرية ، فما يميز الفيس بوك كما هو معروف انه يتيح لزواره مشاهدة وإنتاج الأفلام مجاناً وبدون قيود أو محظورات ، فقد أصبح بإمكان أي شخص يمتلك حساب على هذا الموقع نشر الصور أو الفيديوات الذي التقطها ، فترى الشباب العراقيين لم يكتفوا بوضع صورهم الشخصية وانما قاموا بوضع الكثير من الصور المرتبطة بالواقع العراقي خاصة وفي ظل الظروف الراهنة التي يعيشها العراق تجد الكثير من الصور وحتى مقاطع فديو التقطها شباب وضعوا في موقع الحدث فكان لهم فرصة بان ينقلوا امور لم تستطع وسائل الإعلام ان تنقلها .
آراء مستخدمي الفيس بوك
الفضول هو الذي دفع (( ريم ضياء )) للتسجيل بهذا الموقع ، فالأحاديث الكثيرة عن هذا الموقع بين زملائها وزميلاتها دفعها للتعرف على هذا الموقع عن كثب ،و تقول ريم بانها في البداية كانت متحمسة جدا لان تنشئ لها صفحة على هذا الموقع نظراً لكثر الأقاويل حوله .
وأشارت ريم الى أهمية هذا الموقع وفوائده الكثير ، وكونها تعيش خارج العراق فهي تجد فيه وسيلة للتواصل مع معارفها في بلدها وأيضاً تجد فيه مكانا للقاء الأصدقاء أيام الجامعة والمدرسة ، خصوصاً إن ظروف السفر جعلها تقطع التواصل مع الأصدقاء فأصبح الفيس بوك مكاناً للقاء و التواصل و الاجتماع مجدداً.
أما ((محمد حمود)) والذي يستخدم الكثير من المواقع الاجتماعية ومن بينها الفيس بوك يرى بأن هذه المواقع سلاح ذو حدين أوجده الغرب لحرية الإعلام وحرية الرأي العام حيث يمكن أي شخص في العالم نشر ما يريد دون رقابة وأيضاً يرى بأنها تحمل الكثير من المميزات والتي يمكن الاستفادة منها في حياتنا العملية ،في الجانب الآخر يؤكد بأن هذه المواقع تحولت في أحيان كثيرة الى اماكن لضياع الوقت فأغلب الشباب يستخدمون هذا الموقع للتسلية والترفيه فقط وخاصة طلاب الجامعات فهذا الموقع أصبحت في احيان كثيرة مكان لهدر الكثير من الطاقات .
وأكد محمد بأنه من الضروري التركيز على الجانب المفيد بموقع الفيس بوك والاستفادة منه بشكل أفضل وأيضاَ أشار إلى ضرورة عمل حملات توعيه و تثقيف بدورالتكنولوجيا و استخداماتها للشباب الذي هو عماد المجتمع .
أما (( نور حسن)) فقد اتخذت الفيس بوك وسيلة للتواصل مع معارفها خاصة الكامنين خارج بلدها وأيضا أكدت إنها تحصل على الكثير من المعلومات المفيدة من خلاله إضافة الى جانب التسلية فموقع الفيس بوك ملئ بالكثير من الصفحات المسلية والكثير من الاختبارات المسلية . وأشارت نور الى ان هذا الموقع يحمل الكثير من الايجابيات لكن في الوقت ذاته لا يخلوا من السلبيات ، فمن الأمور السلبية التي أشارت إليها هي انعدام الرقابة وهذا الامر فسح المجال لوجود الكثير من الصفحات التي تدعو إلى الطائفية وأيضاً انعدام الرقابة اثر على الشباب بشكل كبير فالكثير من الشباب لا يأبهون بما يقولون فترى الكثير من الألفاظ الغير الائقة والكثير من الصور غير المقبولة التي يتبادلها الشباب وهذا الأمر جعل الكثير من الصفحات متنافية مع ديننا وعاداتنا وتقاليدنا .
وتختم نور وتقول ان الجوانب السلبية والايجابية موجودة بكل المواقع وبالنهاية فان الرقابة الذاتية هي التي تتحكم بكل شخص وتتحكم بطريقة تعامله مع أي موقع .
أما (( احمد ربيع )) فيرى بأن لهذا المواقع تأثير كبير وهو من أكثر المواقع فاعلية بين الشباب ، فهو يحصل على الكثير من الأخبار والمعلومات من خلاله ، وأكد بأنه قد أثر على سلوك الشباب وسببت انفتاح قوي وخاصة في المناطق المنغلقة ، حيت باتت هذه المناطق تتطلع الى عالم آخر في ظل مساحة الكترونية رحبة واسعة ولا رقابة كاملة .
وأشار احمد الى مساحة الحرية الموجودة بالفيس بوك جعلت بإمكان الجميع التعبير عن آرائهم ، فقد خصص الكثير من الشباب العراقي صفحات لمناقشة القضايا والمشاكل التي يمر بها البلد ، وأكد بأن أكثر قضية تشغل بال الشباب هي قضية الوحدة الوطنية ونبذ الطائفية بكل إشكالها .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق